بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
والعن عدوهم والمتراضين على عدوهم ومنكري فضائلهم من الاولين والاخرين
السلام على شيعة علي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله تعالى رب العالمين ان جعلنا من خدام شيعة علي عليه السلام
ياغياث المستغيثين اغثني بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ادركني
الحادثة التي أدت إلى تحولات عظيمة في حياتي الدراسية
كما أشرت فيما سبق أني درست حتى الصف السادس الإبتدائي في ( مشهد المقدسة ) , وبعدها بسبب الرحلات المتكررة لسماحة الوالد الماجد , ونشغالي بتحصيل العلوم الدينية , والمعارف الإسلامية , لم أوفق في مواصلة تحصيلاتي في العلوم الحديثة , أو الإلتحاق بالمدارس الثانوية , أو الجامعة , وكنت آمل دوما أن تكون لي مطالعات في هذه العلوم , لا سيما إن الأوضاع الإجتماعية في العصر الحاضر , تقتضي أن يكون لعلماء الإسلام ومبلغيه , إلمام كامل بالعلوم الحديثة , ويطلعون عليها , كما هو الحال بالنسبة للعلوم القديمة ...
وبسبب كثرة انشغالي في مدرسة ( صاحب الأمر ( ع ) ) المباركة , وتدريس الطلبة , والحضور في مجالس درس العلماء الأعلام , والأساتذة المحترمين , وإدارة مسجد ( حجة الإسلام ) العظيم , وإحياء المجالس الإسبوعية التي كنا نقيمها لتدريس تفسير القرآن الكريم , ونشر أحكام وفضائل الأئمة الأطهار ( ع ) وكذلك صعود المنبر , وإلقاء الخطب , والقيام بباقي الواجبات والمهام العلمائية الكثيرة التي كانت تتم من قبلي , بإشراف سماحة الوالد الماجد , وتحت ظل ذلك الوجود النوراني , لذلك كله لم أوفق في مواصلة تحصيلي في مثل هذه العلوم الحديثة.
واستمر ذلك حتى أحد الأيام. حيث كنا في زيارة لثانوية ( شابور ) برفقة صديقي الفاضل , والعزيز , المرحوم ميرزا أحمد صالح بور رحمة الله عليه , وهو من فضلاء وصلحاء ( أسكو ) ومن المخلصين للمقام المقدس لسيد الشهداء ( ع ) ورئيس السادات الحسينية في ( أسكو )..
ودخلنا غرفة إدارة الثانوية , بعد أن استقبلنا بحفاوة بالغة من قبل مدير الثانوية , ومدرسيها المحترمين , وجلسنا وسط جمع منهم..
وابتدأ الحديث والنقاش حول العلوم المختلفة , لما كان يقتضيه ذلك المجلس الذي كان يضم جمعا من الأساتذة , والعلماء , والفضلاء ...
ودار الحديث في أحد جوانبه حول علم الفيزياء , وقد رغبت في طرح سؤال على مدرس الفيزياء في الثانوية , ولكنه كان يبدو منزعجاً من علماء الدين , ويتحين الفرصة للنيل منهم , فقال لي: ينبغي أن لا تتحدث عن علم الفيزياء , لأن علم الفيزياء لا يتناسب مع الموضوعات الدينية !!
إلتزمت السكوت مرغماً , لعدم امتلاكي معلومات كافية آنذاك , عن علم الفيزياء , ولم أكن قد أعددت جواباً مناسباً له , وبعدها خرجنا من مبنى الثانوية!
وفي تلك اللحظة القاسية , قررت أن أواصل تعليمي في العلوم الحديثة , بأي ثمن كان , وتحت أي نوع من الظروف , وقد نفذت ذلك القرار , حيث اتصلت مباشرة بعدد من أساتذة هذه العلوم , وعرضت عليهم فكرتي وقراري الذي اتخذته , وقد رحبوا بكل وجودهم بقراري وفي تلك الأيام لم يكن قد بقي على امتحانات آخر السنة للمرحلة المتوسطة ( الصف التاسع ) سوى شهر ونصف , وكان الوقت المتبقي قليلا جدا , إلا أني قررت الإشتراك في امتحانات تلك السنة , بشكل متفرق , بعد مطالعة المواد الدراسية , للصفوف السابعة والثامنة والتاسعة , ومراجعتها وإتقانها خلال تلك الفترة القصيرة جداً ..
لذلك سجلت إسمي للإشتراك في الإمتحانات المتفرقة في مدينة ( تبريز ) , و ( وكانت القوانين تسمح آنذاك للمتقدم أن يمتحن بمواد الصفوف المتوسطة الثلاثة , وخارجي , في عام واحد ) .. وبذلت جهداً كبيرا خلال ( 45 يوما ) لمراجعة وحفظ دروس هذه المراحل الثلاث مثل الرياضيات والجبر والهندسة والفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافية واللغة الفارسية واللغة الأجنبية وباقي الدروس.
وانقضت الأيام بسرعة فائقة واقترب موعد الامتحانات النهائية وأخيرا حان اليوم الموعود وشتركت مع جمع آخر من المتقدمين للإمتحان , وقد اندهش الجميع لأنهم يرون ولأول مره عالم دين يشترك في امتحان المرحلة المتوسطة.
بعد انتهاء الامتحانات بفترة أخبرني رئيس لجنة الإمتحانات بالنبأ السعيد وهو نجاحي في الإختبار ولم يكن يصدق أي أحد آنذاك أن عالما دينيا يمكنه يمكنه أن يدرس المواد الدراسية للصفوف السابعة والثامنة والتاسعة خلال ( 45 يوم ) فقط بدل دراستها خلال ثلاث أعوام بل وينجح في الإمتحانات النهائية.
في العام الآخر تسجلت في ( مركز آذر الثقافي ) وهو مؤسسة علمية متخصصة , وكنت أحضر مساءً في المركز لتلقي دروس الصفين العاشر والحادي عشر من المرحلة الثانوية , وكنت قد قررت دراسة هذه المواد خلال عام واحد فقط .. وكان يدرس في ذلك المجمع العلمي أساتذة كبار ومتمكنون , ممن يحملون رتبة أستاذ جامعة , من أمثال السادة: الدكتور محمد خانلو , والدكتور ألستي , والدكتور تيموري , والدكتور إمامي , والدكتور كوباهي , والدكتور لازار ( أستاذ اللغة الإنجليزية ) والدكتور شعار وغيرهم.
وهذكذا انتهت تلك السنة وشتركت في الإمتحان النهائي ونجحت – وبحمد الله – بتفوق ونلت علامات ممتازة.
وأتذكر أن رئيس لجنة الإمتحانات في تلك السنة , كان السيد الأستاذ تقي خان مير فخرائي , وعندما أخبرني بنتيجتي في الإمتحان هنأني وقال: بين جميع المشتركين في امتحانات هذا العام لم يحصل على العلامة الكاملة في درس الفيزياء ( 20 ) سوى طالب واحد وهو أنت !!
وفي العام التالي تسجلت في ( ثانوية لقمان ) في ( تبريز ) وحضرت في درس الصف السادس الأدبي ( الصف الثاني عشر الثانوي )..
وهكذا أنهيت المركلة الثانوية التي تستغرق ستة أعوام خلال عامين وشهرين فقط , والحمد لله رب العالمين.
ومن الجدير بذكره أنني خلال هذه الفترة التي انشغلت فيها في الدراسة في المرحلة الثانوية لم أترك أبدا باقي مهامي الإجتماعية , والعلمائية , بل واصلت تدريس طلبت العلوم الدينية , والحضور في جلسات الحوزات العلمية والإستفادة من محاضر الأساتذة الكبار والعلماء الأعلام فضلا عن إحياء برامج تفسير القرآن الكريم الإسبوعية ومجالس الوعظ والخطابة ونشر أحكام وفضائل آل محمد ( ع ) بل أشرفت عليها جميعاً وأنجزتها بكل إتقان ولله الحمد..
ولأنني حققت هدفي إلى حد ما وألممت بما فيه الكفاية بالعلوم الحديثة ونتيجة لتوسع وكثرة مهامي وواجباتي في الحوزة العلمية والأوساط العلمائية فإني أوقفت بشكل مؤقت مشروع دارسة العلوم الحديثة ولم أدخل الجامعة آنذاك.
ولكني أتذكر أنني التقيت في أحد المجالس العلمية والثقافية , بنفس ذلك المدرس الذي دعى أمامي في ثانوية ( شابور ) أن علم الفيزياء لا يتناسب مع الموضوعات الدينية وقلت له: هل تتذكر أنك أفصحت عن مثل هذا الإدعاء أمامي قبل عدة سنوات؟ .. إني الآن مستعد لأثبت لك أن ليس علم الفيزياء فحسب , بل وغيره من العلوم الحديثة , لا يتعارض مع الموضوعات الدينية بل إنها تؤيدها أيضا , وإنك تبدو غير مطلع بما فيه الكفاية على علم الفيزياء أو المعارف الإسلامية أو كليهما وإلا لما ادعيت مثل ذلك الإدعاء الخطأ..
لم يجرئ ذلك المدرس على الجواب , بل طأطأ رأسه والتزم الصمت , وغادر المجلس بعد عدة دقائق !
الشيخ عبد الرسول الاحقاقي الحائري
نسالكم الدعاء
دمتم برعاية بقية الله
الهي ان لم تبدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك بواضح